بسم الله الرحمن الرحيم,
في المستشفى ,ندرس كطالبات في الدور الثالث.أقرب دورة مياه لقاعة محاضراتي بها نافذة تطل للأسفل على مدخل قسم الإسعاف.
عندما أتوضأ للصلاة في استراحة الظهر,أنظر منها وأرى الحياة من منظور آخر.على مر السنة شاهدت مواقف وناس يمرون دون علم بمراقبتي تحركاتهم وهم يعبرون من أمام ذلك المدخل.لحظة سكون أتأمل فيها بهدوء,ما يدور في الخارج .
فيوم أرى شاب كفيف يمشي مع عائلته بعصاته,ابنته الصغرى على كتفه وزوجته تمسك بيد طفلتهم الثانية وتمشي بجواره.أعجبني فيه أنه كان يمشي بانطلاق ماشاء الله,مباشِر لقيادة الطريق كأي رب أسرة بصير,لدرجة أني شكيت إن كان حكمي الأولي بأنه كفيف خاطئ.ولكن عدم توقعه مجيء سيارة في وجهه, وأيضا اضطرار زوجته لأن توقفه عندما وقعت من الطفلة المحمولة جزمتها,أكدا لي ذلك.
يوم آخر,أرى سيارة الشرطة تقف مسرعة أمام مدخل الطوارئ,ويُنزِل الشرطيان رجل من عمالة شرق آسيا,حافي القدمين,أشعث,يلبس قميص غير مزرر ويبدو مضطرب.يمسك به الشرطي ويجره داخل البوابة,كان ينط الخطوات من حرارة الأرض.طبعا الفضول طار في عقلي لمعرفة قصة هذا العامل,ولكنني لم أعلم أبدا أي جانب للقصة سوى ما رأيته.
و في آخر,أرى رجل عجوز,منحني الظهر,يزحف خطاه زحفا,تدق الشمس بحرارتها على شعره الأبيض.من النافذة,أرى كيف هي حيوية الحياة من حول هذا المسن وهو ينتقل من البوابة للمواقف ببطء شديد.أفكر بما قد يكون عند هذا الشايب الوديع,وأحلل ما أراه عليه من علامات.سبحان من جعل من بعد الحياة موت, وبعد الموت حياة ,وللرضيع أم تهتم بشؤونه وللمسن أبناء دم وغير دم يسعون لراحته.
كانت هذه بعض الخواطر من وقفات نافذة دورة المياه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق